1.33 اللـــه واحد، وفي الوقتِ عينهِ هو ثلاثة. أليسَ هذا كلامًا فارغًا؟
هنالكَ إلهٌ واحدٌ لكنَّ فيه ثلاثةَ أقانيمَ: أللهُ الآبُ [>1.1]، اللهُ الإبنُ [> 1.29] واللهُ الروحُ القُدُس [> 1.32]. معًا، هم الثالوثُ الأقدس، ألله الواحِد الَّذي يوحي بذاتِهِ إلينا عَبرَ طُرُقٍ ثَلاثة أو بالأحرى، يكشِفُ إلينا عَن ذاتِهِ في شَكلِ أشخاصٍ ثلاثَة يُحِبُّونَنا حُبًّا جَمًّا.
إنَّ علاقةَ الحبَّ، بين الآبِ والإبنِ والروحِ القدُسِ هي جوهَرُ اللهِ. جَوهَرُ الله هو الحبّ [> 1.26] إلَّا أنَّنا في النهايةِ لا يمكننا إدراكُ ذلكَ كُلِّيًّا.
.
هَل يُمكِنُنا أن نَدخُل في عمليَّة فَهم سِرّ الثالوث من خِلال نور العقل البشري فقط؟
الله قد ترك آثارًا لكيانه الثالوثي في عمله الخلقي وفي العهد القديم. ولكن صميم كيانه ثالوثًا مقدسًا هو سرّ لا يستطيع إدراكه العقل البشري وحده، حتى ولإيمان إسرائيل قبل تجسد ابن الله وإرسال الروح القدس. يسوع المسيح هو من كشف عن هذا السر الذي هو ينبوع جميع الأسرار الأخرى. [مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيَّة 45]
ماذا كَشَفَ لنا يسوع عَن سرّ هَوِيَّة الآب؟
لقد كشف لنا يسوع المسيح عن الله أنه "أب"، ليس فقط بكونه خالِقًا العالم والإنسان، بل خصوصًا بكونه يلد منذ الأزل في حضنه الابن، الذي هو كلمته و"ضياء مجده وكمال وصورة جوهره" (عبرانيين ١، ٣). [مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيَّة 46]
مَن هو الرَّوح القدس بِحَسَب ما كَشَفَ لنا يسوع عَن سِرِّه؟
إنه الأقنوم (الشخص) الثالث من الثالوث الأقدس. هو الله، واحد ومساوٍ للآب والابن. "ينبثق من الآب" (يوحنَّا ١٥، ٢٦) الَّذي بكونه "المبدأ الذي لا مبدأ له"، هو أصل الحياة الثالوثـية كلَّها. وينبثق أيضًا من الابن بكون الآب أعطى ذاته للابن منذ الأزل. والروح القدس الذي أرسله الآب والابن المتجسد يرشد الكنيسة إلى معرفة "الحقيقة كلَّها" (يوحنَّا ١٦، ١٣). [مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيَّة، 47]
كَيفَ تُعَبِّر الكنيسة عن إيمانها الثَّالوثِيّ؟
تُعَبِّر الكنيسة عن إيمانها بالثالوث بالاعتراف بإله واحد في ثلاثة أقانيم (أشخاص): الآب والابن والروح القدس. الأقانيم الإلهية الثلاثة هم إله واحد، لأنَّ كل واحد منهم هو كمال الطبيعة الإلهية الواحدة في غير انفصال. إنَّهم متميزون تَمَيُّزًا حقيقيًّا فيما بينهم بالعلاقات التي تُرجِعُ بعضهم إلى بعض. الآب يلد الابن، والابن يلده الآب، والروح القدس ينبثق من الآب والابن. [مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيَّة 48]
كَيفَ يَعمَل كُلّ أقنوم من الأقانيم الثَّلاثَة؟
كما أنه لا انفصال في طبيعة الأقانيم الإلهية الواحدة، فكذلك لا انفصال بينهم في عملهم. ولكن في العمل الإلهي الواحد كل أقنوم حاضر وفقًا لميزته الخاصَّة في الثالوث.
"إلهي، الثالوث الذي أعبده. هَدِّئ نفسي. اجعلها سماءك، مسكنك المحبوب ومقرّ راحتك. هب ألّا أدعك فيها أبدًا وحدك، بل أن أكون هناك بكل كياني، يَقِظَة في إيماني، عابدة عبادة كاملة، مستسلمة استسلامًا كامِلًا لعملك الخَلَّاق" (الطوباوية أليصابات الثالوث). [مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيَّة 49]
أنؤمِن بإلَهٍ واحِدٍ أم بثلاثَةِ آلِهَة؟
نؤمِنُ بإلَهٍ واحِدٍ بثلاثَةِ أشخاص (الثَّالوث). "ألله ليس عُزلَة، بل شَرِكَة كامِلَة" (البابا بنديكتوس السّادس عشر، ٢٢ أيَّار ٢٠٠٥).
لا يعبُدُ المسيحيُّون ثلاثَةَ آلهةٍ مُختَلِفَة، بل جَوهَرًا واحِدًا، يتفرَّع عنه ثلاثة، ومع ذلك يبقى واحِدًا. أن يكون الله ثالوثًا، هذا ما نعرفه من خلال يسوع المسيح، وهو الإبن يتكلَّم عن أبيه في السَّماء ("أنا والآب واحد"، يوحنَّا ١٠، ٣٠). يدعوه ويَهَب لنا الرّوح القدس الذي هو محبَّة الآب والإبن. لذلك نُعَمِّد "على إسم الآب والغبن والروح القدس" (متَّى ٢٨، ١٩). [يوكات 35]
هل بإمكاننا أن نَستَدِلَّ منطقيًّا على أنّ الله ثالوث؟
كَلَّا. ثالوث الله سرّ. إننا بيسوع المسيح وحده نعرف أنَّ كيان الله ثالوثيّ.
البشر لا يمكنهم بوسائل عقلهم أن يستدِلُّوا على كيان الله الثالوثي. إنَّما يدركون عقلانيَّة هذا السرّ عندما يقبلون انكشاف الله في يسوع المسيح. إن كان الله وحيدًا ومنعزِلًا، فمن غير الممكن أن يحبَّ منذ الأزل. بفضل نور المسيح نَجِد في العهد القديم (تكوين ١، ٢؛ ١٨، ٢؛ ٢ صموئيل ٢٣، ٢) وحتَّى في الخلق كلِّه علامات عن ثالوثيَّة الله. [يوكات 36]
لماذا الله هو "أب"؟
نعبد الله في الأساس وحده كأب لأنَّه خالق ولأنَّهُ يُعنى بخليقته بمحبَّة كاملة. يسوع، إبن الله، علَّمَنا علاوة على ذلك أن ننظر إلى أبيه على أنَّه أبونا وأن نخاطبه باعتباره "أبانا".
أديان مختلفة قبل المسيحيَّة اعتادت مخاطبة الله كآب. قبل مجيء المسيح، خاطب الناس الله في إسرائيل باعتباره أبًا (تثنية ٢٢، ٦؛ ملاخي ٢، ١٠) وعرفوا أنَّهُ مثلَ أُمٍّ (أشعيا ٦٦، ١٣). الأب والأم هما في الاختبار البشري بمثابة المصدر والسُّلطَة، الحماية والسَّنَد. أمَّا كيف يكون الله أبًا في الحقيقة فهذا يُظهِرُهُ لنا المسيح في قوله "من رآني رأى الآب" (يوحنَّا ١٤، ٩). في مَثَل الإبن الضَّال يتكلَّم يسوع عن التَّوق الإنساني العميق إلى أبٍ رَحيم. [يوكات 37]
مَن هو الرّوح القدس؟
الرّوح القدس هو الشَّخص الثالث من الثالوث الأقدس وله العظمة الإلهيَّة نفسها مثل الآب والإبن.
نكتشف حقيقة الله فينا بفعل الروح القدس. أرسلَ الله "روح ابنه إلى قلوبنا" (غلاطية ٤، ٦)، حتَّى يملأنا بشكل كامل. في الروح القدس يجد المسيحي الفرح العميق، السلام الداخلي والحرية. "إنَّ الروح الذي نلتموه لا يستعبدكم ويردُّكُم إلى الخوف، بل يجعلكم أبناء الله وبه نصرخ إلى الله: أبَّا أيُّها الآب" (روما ٨، ١٥). في الروح القدس الذي نلناه في المعموديَّة والتثبيت، يُتاح لنا أن ندعو الله "أبًا". [يوكات 38]
هل يسوع هو الله؟ أينتمي إلى الثالوث الأقدس؟
يسوع النَّاصري هو الإبن، الأقنوم الثاني الذي نتكلَّم عنه عندما نُصَلِّي: "باسم الآب والإبن والروح القدس" (متى ٢٨، ١٩).
إمَّا أنَّ يسوع دجّال عندما جعل ذاتَه رَبًّا فوق السَّبت وسمح بأن يُنادى بصفة الله ربًّا، وإمّا أنَّه حقًّا هو الله. أثار يسوع فضيحة حينما غفر الخطايا. اعتبرها معاصروه جريمة تستحقّ الموت. بواسطة العجائب والآيات، وخصوصًا من خلال القيامة، عرف التلاميذ من هو يسوع وعبدوه ربًّا. هذا هو إيمان الكنيسة. [يوكات 39]
نَحنُ نؤمن بإلهٍ آب وبإبنه الكلمة وبالروح القدس، جميعهم يتشاركون جوهرًا واحدًا، الآب والإبن والروح القدس لأنّ الإبن هو فكر وحكمة الآب والرَّوح هو الحركة بينهما، النُّور الصاعد من النَّار. [القديس أثيناغوراس، مِن كتاباته في نداء للمسيحيين، الفصل ٢٤(MG 6, 945)]